مجلة غدير كميت    العدد الأول    1/ ربيع ثاني / 1424هـ         مقالات
 
 

المقــالات

 

 

واقعنا المحزن

 
  وصايا لكل مسافر  
  من منكرات الأفراح  
  التزامي ..  أين أنت ؟  
     
 
 

 واقنا الاسلامي المحزن 

إقرأ وابكي دماً على مذابح أمتنا في العصر الحديث
(عرض لمذابح في القرن الماضي)..فمتى!!

 (الأفاضل الكرام:الرجاء الإطلاع على نهاية المقال فهناك الزبدة, وليس القصد الأساس البكاء على الأطلال بــل الإيجابية في التغيير والإصلاح)

إقرأ وابكي دماً على مذابح أمتنا في العصر الحديث (عرض مختصر لمذابح في القرن الماضي)... فمتـى..........ندرك أننا مسؤولون عن ذلك !!.. أمام رب العالميـــن!!!!!

يا قوم آلمني وأحزنني وأدمع مقلــتي----- ورمى فؤادي بالأسى والحزن واقع أمتي*

إن مذابح الأمة ومآسيها في العصر الحديث تحتاج إلى مجلـــدات لإحصائها والحديث عنها وقد عرف الكثير منها القاصي والداني,بل حتى أطفالنــــا قد ألفوها لكثرة تردادها على مسامعهم وأعينهم, ناهيك عن تلك التي لم نسمـــع عنها والتي حرص أعداؤنا أن يجعلوها في طي الكتمــان, ولكن للتذكير ستعرض بعض هذه المصائب والنكبات التي حصلت للأمة .

 وهذه الفواجع كان القتلى فيها بأعداد كبيرة تجاوز في بعضها عشرات الآلاف بل وصل إلى مئات الآلاف أحيانا بل وصل إلى الملاييــــن, وارتكبت فيها فظائع من أنواع القتل والتعذيب بما فيها القتل ذبحــا حتى للأطفــال (يكاد العقل أن لا يصــدق بعض ما حدث لولا أن كثير منه موثـــق وبالصور), واغتصــب في هذه المآسي عشـرات الآلاف من النساء وهدمــت مساجــد ودمرت القرى والمدن .

 هذا عدا الضعف العام والهـــوان والتخلــف الذي تعيشه الأمة في شتى جوانب الحياة .وكونها في ذيل الأمم في عصرنا مع أن الأصل أن تكون في مقدمة الأمم بل قـائدة الأمم لأنها على العقيدة الصحيحة ولأنها التي أمرت بنشر نور الهداية الربانية للعالم أجمع, وهي التي كانت قبل فترة ليست بالبعيدة كثيرا عزيزة قويه, وكانت مالكة الدنيا وحاكمـة العالم !!.

(ملاحظة : كل هذه المذابح موثقة, وللإختصار لم تذكر مراجعها)

(1) - مآسي المسلمين في ما كان يسمى الاتحاد السوفييتي حيث عمد الشيوعيون لأساليب إبادة رهيبة للمسلمين فتمت إبادة عشريــــن مليون مسلم خلال خمسين عاما ,وقد ثبت بالإحصائيات الروسية أن ستالـين وحده قتل 11 مليون مسلم .

ونتيجة لهذه الإباده والتهجيـــر حصل نقص عدد المسلمين في بعض المناطق الاسلاميه نقصا رهيبا؛فمنطقة داغستان مثلا كان عدد سكانها ثمانية ملايين في عام 1917 وتناقصـــــــــوا إلى 1627000 فقط في عام 1977 وتناقـــص عدد سكان منطقة القرم من خمسة ملايين ليصبح أقل من نصف مليون.

وحاربوا الإسلام حرباً شديدة فأقفلت المساجد وهدمت وتم إغلاق المدارس الاسلامية وألغي التعليم الديني وربي أبناء المسلمين على الإلحاد *.

 (2) - استيلاء اليهود على فلسطين والتي تقع في قلب العالم الإسلامي والعربي منـــذ أكثر من ثلاث وخمسين عاما والاستيلاء على القدس المقدسة التي بها ثالـــث المسجدين الشريفين وأولـــى القبلتين. وما لاقاه إخواننا الفلسطينيون من مذابح وتعذيب وهـــــدم للمنازل وتشريد شعب بأكمله. ومن ذلك :

- مذبحة الشيخ ودير ياسين والطنطوره(2000 قتيل) واللد ونحالين* وكفر قاسم وقبية ورفح وخان يونس* .ومحى اليهود قرية ناصر الدين من الوجود فأحرقوا بيوتها وقتلوا سكانها.

- إحراق المسجد الأقصى عام 1969م.

- مذبحة مخيمي صبرا وشاتيلا عام 1982م (3500 قتيــــــل)*.

- مذبحة المسجد الأقصى عام 1990م 150 قتيلاً من المصليـن في ساحــة الحرم القدسي الشريف* .

- مذبحة المسجد الإبراهيمي في الخليل عام 1994م عندما اقدم مستوطن يهودي تحت تغطية من الجيش الإسرائيلي على فتح النيران على الساجديـــن الصائميــن فقتل 29 مسلما في شهر رمضـان المعظــم* .

- قتل 70 فلسطينيا عام 1996م بعد أن فتح الجنود الإسرائيليون النيران لقمع الغضب الجماهيري الذي اندلع بعد افتتاح نفق تحت المسجد الأقصى*.

- قتل الرجال والنساء والأطفال وغيرهم في الانتفاضة ومنهم الطفل المبارك محمد الـــــــــدرة والرضيعة إيمان الحجــــــو الذين لا ينسيان.

 (3)- مذابح المسلمين في لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية ومنها مذبحة قانــــا* عام 1996م (قتل فيها 160 من النساء والشيوخ والأطفال).

 (4)– المذبحة في بنغلادش عام 1971 بعد انتصار الجيش الهندي الذي كان يقــــــوده يهود على باكستان حيث قتل 000و10 عالم مسلم ومائة ألف من طلبة المعاهد الإسلامية وموظفي الدولة وقتل ربــــع مليون هندي مسلم هاجروا من الهندإلى باكستان قبل الحرب بعد تعذيبهم.

 (5) - مذابح أهل البوسنة في يوغسلافيا السابقـــة حيث أباد الشيوعيون فيها بعد الحرب العالمية الثانية مليون مسلم* منهم 12 ألفاً قتلوا في المسجـــد الكبير بفوجا في شرق البوسنة وذبح 6 آلاف مسلم في جســر فورا .*

 (6)- مأساة المسلمين في الصين الشيوعية .حورب الإسلام في الصين الشيوعية منذ عام 1954 وشمل ذلك تعطيل المساجد وقتل وسجن العلماء وتقسيم تركستان الشرقية وتهجــــير المسلمين وقتــل 000و360 مسلم في مدينة كاشغر عام 1377 في معركة مع الشيوعيين *.

 (7) - مذابح المسلمين ومآسيهم في منطقة الحبشة حيث وضع الطاغية هيلاسيلاســــي خطة لإنهــاء المسلمين خلال 15 عاما* وتباهى بخطته أمام الكونجرس الأمريكي,وقام بإحــــراق الشيوخ والنساء والأطفال بالنار والبنزيـــن في قرية جرسم,وأمر بالتعقيم الإجباري للمسلمين رجالا ونساء .

وقام بعده السفاح منجستــــو بمذبحة كبيرة حيث أمر بإطلاق النار على المسجـــد الكبير بمدينة ريرادار بإقليم أوجاوين فقتل أكثر من ألف مسلم كانوا يــــؤدون الصلاة في رمضـان عام 1399ه ،كما تم تشريد المسلمين وحربهم في دينهم .*

 (8)- مذابح المسلمين في الفلبين على يد حكومة ماركوس حيث ارتكبت أفظــع الجرائم من قتل جماعي وإحراق الأحياء وانتهاك الأعراض والحرمات وفـــقءٍ لأعين الرجال وبقــــر لبطون الأطفال وذبح بالخناجر وفصـــل للرؤوس عن الأجساد, وقد نشــــرت صور لبعض هذه المذابح في جريدة المسلمون 26 شوال 1408 ه.

وما بين عامي 1392- 1404 ه قتل اكثر من 30000 مسلم من النساء والأطفال وكبار السن, وفر اكثر من 300000 مسلم وتم احراق300 ألف منزل وتدمير مائة قرية ومدينه اسلاميه وأكثر من 500 مسجـــد.*

 (9) - مذابح المسلمين في الهند منها مذبحـــة احمد أباد عام 1970 م التي ذهب ضحيتها 15 ألف مسلم باعتراف انديرا غاندي نفسها وارتكب فيها الهنادكة(عباد البقر) افظع العمليات غير الإنسانية منها إحراقهــــم 300 إمرأة مسلمة بالنار وهن أحيــــاء .

أيضا مذبحة آســــام الشهيرة التي ذهب ضحيتهــــا 50 ألف مسلم علي أيدي الهنادكة من أعضاء الحكومة المركزية.أيضا مجزرة ميروت ومليانه عام 1987 م* .

 (10) - مأساة المسلمين في فطاني في تايلاند حيث قامت الحكومة البوذية بحرب الإسلام واغلاق الكتاتيب وإفساد عقائد المسلمين وقامت بتصفية الدعاة والعلماء, وتم حــرق 100 شاب مسلم بالبنزين:صرح رئيس البوليس في جنوب تايلاند أن حياة المسلم لا تســاوي 26 سنتاً فقط أي قيمة الرصاصة . كما اغتصبت أراضى المسلمين الخصبة وأحــرقت قراهم* .

 (11)- مذابح المسلمين ومآسيهم في كشمير,حيث قتل أكثر من 44000 مسلم وجرح أكثر من 67000 ,واعتقل أكثر من 000و40 مسلم, وبلغ عدد المنازل والمتاجر والمساجد والمدارس المهدمة 129000 منزل ومسجد, بالإضافة إلى آلاف النساء المغتصبـات .*

 (12) - مذابح الأفغان على يد الروس قبل خروجهم.

 (13) - مأساة المسلمين في بورما, وشمل ذلك قتل المسلمين وتشريـــــدهم وإحراق المساجد وتعذيــــب المسلمين . ولجأ ما يزيد على نصف مليون مسلم بورمي إلى بنغلادش*,وكثير آخرون لجئوا إلى أقطار أخرى متفرقة في العالم الإسلامي *.

 (14)- مذابح المسلمين في ليبيريا في أواخر الثمانينات الميلادية حيث أحرق الوثنيون!!

105 مساجد وقتلوا الأئمة وقطعـوا السنـــة المؤذنين, وقتلوا اكثر من 2000 مسلم مع التمثيل بجثثهم بعد فصـل الجمجمة عنها, وأحرقـــوا عشرين قرية بأكملهـــا واغتصبوا المسلمات وقتلوا الحوامل ولجأ اكثر من 167 ألف مسلم إلى غينيا وساحل العاج* .

 (15)- مذابح المسلمين في سيريلانكا على يد المتطرفين التاميل, وهي مذابح عديدة ومتكررة, ذبحوا فيها المئات والآلاف من المسلمين واغتصبوا النساء وذبحوا الأئمة وقتلوا 168 من الحجــاج الذين كانوا في طريق عودتهم إلى منازلهم.واشتهرت مذابحهم بحصول العديد منها على المصلـــين في المساجـــــد . وخلفت هذه المجازر الآلاف من اللاجئين والآلاف من المقعـدين والأيتـــام *.

 (16) - مآسي المسلمين الأكراد أحفاد صــلاح الدين الأيوبي بطل حطين مستعيد القدس, وما كانوا ولا زالوا يلاقونه من اضطهاد وبطش وتشريد ومعاناة ضخمة*.

 (17) – هــدم المسجد البابري التاريخي الشهير في الهند عام 1992م*والذي يعتبر هدمه إهانــة وتحـدي للأمة الإسلامية .

 (18)- مأساة البوسنة والهرسك الأخيرة شهدها العالم الإسلامي بالصوت والصورة. حيث قتل عشرات الألوف قتلا وذبحـــا (قتلوا ذبحا ابنين لعجوز بوسنوي أمام عينيه) ، وتم اغتصـاب عشــرات الآلاف من النساء بما فيهن صغيـرات السن(أقيمت معسكــرات للاغتصاب الجماعي وأصبح آلاف المسلمات سبايا للجنود الصرب وأحيانا يقدمــن للترفيه عن جنود القوات الدولية!!), وذبــــح الأطفال ويتموا ، وشرد الشعب البوسنوي، وتم حرق وهدم المساجد , وحــرق 1000 طفل في أحد الجوامع في سراييفو* . بلغ عدد اللاجئين أكثر من مليونين ونصف*.

وفيها حدثت المذبحة الرهيبة التي حدثت للمدنيين عند سقوط مدينة سريبرينيتسـا في 11 يوليو/1995م عندما دخلها الصرب مع أنها كانت وقتها منطقة آمنة تحت حماية الأمم المتحـــدة!!! فشرد أهل هذه المدينة بأجمعهم بعد المجزرة الرهيبة التي حصلت لهم حيث والتي نتج عنها آلاف القتلى( وصل القتلــــى إلى 20 ألف حسب بعض الإحصائيات*) وخرج أهل المدينة بما فيهم الأطفـــال والعجـــزة والنســـاء وهم في فزع عظيم يهيمـــون في الشعاب والغابات باتجاه مدينة توزلا*؛ ورأينا !!!!!!!!!!!!نحن المسلمين بأم أعيننا التي ستشهــــد علينا يوم القيامة الهول العظيم الذي حصل للمسلمين فيها ورأينا الفزع والبكــــاء المرير من الأطفال والنساء الذي يبكي الحجر وينطبق فعلا عليها قول الشاعر

لمثل هذا يموت القلب من كمد-----إن كان في القلب إسلام وإيمان.

 (19) - مأساة المسلمين الأذربيجانيين على أيدي الأرمينيين.

 (20) - مأساة كوسوفا شهدها العالم الإسلامي أيضا بوضوح حيث ذبح الآلاف وشرد مئات الألوف وتم ذبــح أطفال أمـــام أعين آبائهم ودمرت قرى بأكملها بالحرق أو بغيره واغتصبــت فيها المسلمات* .في هذه المأساة فر 700,000 مسلم من الصرب إلى مجاهل الغابات حيث هـــلك الكثير منهم جوعـــاً ومرضــاً وبــــرداً * .

 (21)- مأساة الشيشان شهدها العالم الإسلامي أيضا بوضوح, قتل لعشرات الآلاف, تشريد لمئات الألوف تدمير مدن وقرى بأكملهـــا براجمـــات الصواريخ , حرق المنازل ,أنهار من الدماء, تقطيــــع وصلــب الأحيــاء , ضرب الطوابير المهاجرة بالطائرات والرشاشات المدفعية ,قتل للأطفال والنساء والمسنين ,اغتصاب النساء , ذبــح وحـرق أطفــال داخل روضة .

قصف حافلة مليئة بالأطفال والنساء بصواريخ من طائرات مروحية , عدا التعذيب الرهيب ( قطع قدمي أسير وهو حــي ,وقطع يدي أسير آخر وهو حـي) , ارتكاب الفاحشة بالأسرى نساءً ورجالاً ( اغتصبت فتاة عمرها 13 سنة حتى ماتت ). قصف سوق يعج بالمدنيين ,4000 شيشاني قتلوا في قرية في يوم واحد, واستخدم الروس أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا .

وسمـع المسلمون قصة الفتاة المسلمة التي اغتصبهـــا المجرم الكولونيل الروسي يوري بودالوف ثم قتلها عن طريق دهسهـــا بآلية مدرعة ,وقد هدد المجاهدون الأبطال وقتها الروس بأنهم سيقتلون مجموعة كبيرة من الأسرى إن لم يسلم هذا الوغد لهم.*

 (22)- مذابح المسلمين في أندونيسيا على يد النصارى من الجروح الأخيرة الجديدة التي يقتل فيها المسلمون حتــى في بلادهم, حيث ذبح في جزر الملوك آلاف من المسلمين ذبحــا وحرقــا, وقتل مائتان من الطلبة المسلمين في مدرستهــــم, وقتل 1200 مسلم في مسجــد بعد لجوئهم إليه حيث ذبـــح بعضهم ثــم حــرق المسجد على البقية وهم أحيــــاء *.

وتم تقطيــــع رؤوس بعض المسلمين تم وضعها في حاويــــــــات ورقية للسخرية ,وتم التمثيل بجثث المسلمين وبقـــــــــر بطونهم *.

- صورة لكل مسلم يخـــــــاف من السؤال امام الله عن واجبه الكبير لإنقاذ أمته بتحقيقه العودة الصادقة الى الله والعمل بجد لها في نفسه ومجتمعه(عودة و دعوة).

- صورة لكل مسؤول في امتنا قصـــــر في تحقيق هذا الواجب العظيم.

- صورة لكـــل من يؤذي الدعاة ويلمزهم مع أنهم يسعون لإنقاذه وإنقاذ أمتهم من أخطار تحيط به وبهم.

- صورة الى من ضيعوا الأمة بالمعاصي في وقــــــــــــــــــت هي أحوج ما تكون فيه الى العودة والصحوة والإلتزام بأوامر الله التي هي الطريق الأساس لإستعادة عزتنا المفقودة ومحو ذلنا المشين, (وكيف سيجيبون الجبار عن دماء الأمة المهدرة يوم العرض عليه).

- صورة لعلمائنا الأجلاء تذكيرا لهم بمسؤوليتهم العظيمة العظيمة العظيمة في إ يقاظ الأمة بصيحات قوية فاعلــــــــــــــة مؤثرة لا بكلمات بسيطة غير مسموعة غير مسموعة غير مدركةٌ غير مدركة,ٌ تضيع وسط ركام وسائل الإفساد التي خدرت أمتنا. فهم من أول المسؤولين.

( أيها الغيـورون والغيــورات أيها الغيــورون والغيـــورات لنتعاون بجـد لإيصال هذا الموضوع (أو رسالته على الأقل) فأكثر المسلمين فيهم الخير فيهم الخير فيهم الخير , ولكنها الغفلة عن إدراك الواجب ومعرفة المسؤولية )  

 د. مهدي قاضي

 

 

    الحمد لله المعين والصلاة على النبي الأمين الهادي إلى الحق المبين أمابعد , فهـذا أول عدد من مجلة غدير كميت نرسلها عبر الأثير حاملة معها شذا الأخوة والمحبة والتواصل في سبيل تقويتها والشد من أزرها , والمؤمن بأخيه لا ينفك عنه وهو مرآته التي يتطلع من خلالها على أخطائه وعيوبه فيصلحها .

       نرجو من الاخوة الكرام التواصل معنا لنسير بها الى ما هو أفضل , شاكرين للجمع ومقدرين جهودهم وإخلاصهم والله الهادي إلى سواء السبيل..

وصايا لكل مسافـر

        سامي الماجد

 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
يشتد الحر فيشتدُّ نفير الناس للاستجمام بالسفر، تحفِّزهم إليه إغراءات الدعايات والتسهيلات.
ولكلٍ وجهةٌ هو مولِّيها، وأينما توجّهت تلك الجموعُ فالله هو وليُّها ومولاها، وهو يعلم سِرَّها ونجواها. ومهما أبعدتْ في أسفارها، فهي لا تخرج عن ملكه، ولا تعزُبُ عن عِلمه، ولا تخفى عليه منها حركةٌ ولا نأمةٌ ولا خالجة.
فإلى كلِّ من عقد عزيمةَ السفر... هذه جملةُ وصايا نتوجَّه بها إليه، عسى أن تنفعَنا وإياه، وذكِّرْ فإنّ الذكرى تنفع المؤمنين.
وإننا لنحسبُ أنّ في قلبه من خشية الله وإجلالِه وتعظيمِ أمره والإذعانِ لحكمه ما يُغرينا بتذكيره بجملةٍ من الوصايا، نجدُنا وإياه في الحاجة إليها على سواء.

الوصية الأولى: فليتذكّرَ المسافرُ - وقد أخذ للسفر أُهبته وأزوادَه- أنَّ كلَّ زادٍ يتزود به في سفره، فخيرٌ منه وأولى، وألزمُ وأحرى: تقوى الله –جل جلاله-؛ فهي الزاد الذي لا يستغني عنه مؤمنٌ في حِلٍّ ولا ترحال، وهو لزيمةُ العبدِ لا ينفكُّ عنه بحال.
وتلك وصيةُ الله –جل جلاله- : (وتزوَّدوا فإنَّ خيرَ الزاد التقوى)، وهي أعظم وصية وصّى بها المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ، وما وصى إلاّ بعظيم، "اتق الله حيثما كنتَ"، اتق الله في السرِّ والعلن، وفي الإقامةِ والظعْن، حيث يراك الناس، وحيث لا يرونك.
إنَّ تقوى الله –جل جلاله- ليست شيئاً يُلاكُ بالأَلسُنِ، ولكنَّه شعورٌ يتروَّى منه القلبُ، فيفيض بآثاره على الجوارح، ليُرى واقعاً محسوساً مشهوداً في سلوكِها وعملها.
ليعلمْ كلُّ مسافرٍ أنَّ من علامات صدق التقوى ألاّ يزيده حضورُ الناس من خشيته لله، ولا يَنقصه من خشيته له غيابُه عنهم، فاستواء خشيةِ العبد لله في سره وعلانيته، وفي اجتماعه بالناس وخلوته؛ لهو من أعظم دلائل صدق التقوى، وهي من كمال الخشية لله، ولذا كان المصطفى -صلى الله عليه وسلم- يدعو ربّه كثيراً بقوله: "اللهم إني أسألك خشيتَك في الغيب والشهادة".
وغيابُ المسافر عن نظر من يبالي بهم من الناس هو (نوعُ خلوة) من هذا الوجه، ولو كان بمحضر آلاف من غيرهم، فقد يتمنّعُ العبدُ من غِشيانِ المعصية بمحضر من يباليهم من الناس، فلا يخلُصُ تمنُّعه من شائبة خشيتِهم، ولكن يَخْلُص هذا التمنع لله وحدَه حين يكون مستخفياً عنهم.
فليُخلِصِ المسافرُ خشيتَه لله، وليحذرْ أشدَّ الحذرِ أن تكونَ خشيتُه للناس أعظمَ من خشيته لربه، فإن العبدَ إذا بيَّتَ فعلَ المنكراتِ عند عزيمةِ السفر، أو كانت المعصية هي الباعثَ على سفره؛ كان ذلك أدلَّ على أنه لم يمنعه من الحرام إيمانٌ ولا تقوى، وإنما هو خشيةُ الناس، أو تعذُّرُه عليه.
وهذا أقبحُ بمراحل ممن قصد سفراً مباحاً لم يبيِّت فيه عزيمةً على معصية، ولم يقصدْ بالسفر منكراً، وإنما استعرضه منكرٌ ما ، فلم يلبث أنْ ينهزمَ لإغرائه ويقع في حِبالة الشيطان وإغوائه.
ألا وإنّ من أعظم ما يعينُ المسافرَ على الأخذ بوصية حبيـبه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- "اتق الله حيثما كنت" أن يستشعر دقَّةَ مراقبةِ الله إيّاه، فذلك أدعى أن يستجيشَ في قلبه تقوى الله حيثُما كان، ومراقبتَه في السر والعلن، وليتدبَّرْ تلك الآياتِ التي تُبين في أحسن بيان عن سعة علم الله وقربِه من خلقه، كقولِه: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [يونس:61]
وقولِه (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر:19]، وقوله: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ) [البقرة: من الآية235 ]، وكقولِه: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُون (19) حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون َ(20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ(22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[فصلت].
فمهما استـتر العبد من الناس؛ فلن يستتر من أبعاضِه التي يباشر بها المعصية، ولئن استعان بها على معصية الله؛ فلسوف تعصيه في اليوم المشهود، وتكون عليه بعضَ الشهود.
وما كان سبحانه ليعزُبَ عن علمه شيءٌ حتى يحتاجَ إلى مخبرين وشهود، ولكنه –جل جلاله- أراد أن يقطعَ عنهم المعاذيرَ، ويقيم عليهم الحجة.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كنا عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فضحك، فقال: هل تدرون مم أضحك؟!، قلنا: الله ورسوله أعلم، فقال: اضحكُ من مخاطبة العبد ربَّه –أي: يوم القيامة- يقول: يا رب ألم تجرني من الظلم؟ قال فيقول: بلى، قال فيقول: فإني لا أجيز على نفسي إلا شاهداً مني، قال: فيقول: كفى بنفسك اليوم عليك شهيداً، وبالكرام الكاتبين شهوداً، قال: فيختم على فِيِهِ، فيقال لأركانه: انطقي، قال: فتنطقُ بأعمالِه، قال: ثم يُخلَّى بينه وبين الكلام، قال: فيقول: بُعداً لَكُنَّ وسُحْقاً! فعَنْكُنَّ كُنتُ أناضل". [رواه مسلم].
وهذه النصوص وغيرُها -مما هو في معناها- تُلقي بظل الرقابة المباشرة على كل نفس، وحينها تستشعر النفسُ أنها غيرُ منفردة لحظة واحدة، وغيرُ متروكةٍ لذاتِها لحظةً واحدةً، فهناك حفيظٌ عليها رقيبٌ، يحصي كلَّ حركة، ويحفظ ما يصدر عنها لا يند عنه شيء.
فإذا راقب العبد ربَّه في سِرِّه وعلنه، وإقامته وظعْنِه؛ فقد حقّق مرتبه الإحسان التي هي أعلى مراتبِ الإسلام. وهي ثمرةُ معرفةِ الله وخشيتِه "الإحسانُ: أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
وحين تصل النفس إلى هذه المرتبة؛ فإنها تفعل الطاعاتِ، وتنتهي عن المعاصي، ولو لم يتسلط عليها رقيبٌ من غيرها، فهي تراقبُ اللهَ في الصغيرة والكبيرة، وفي السر والعلن على السواء.
ولا ينسى المسلم -وهو يُعظمَ خوفَه من الله وحياءَه منه- ضعفَه، وإسرافه في أمره، وتفريطه في جنبِه سبحانه، فلا يترددُ أن يستعينَ على ملازمةِ تقوى الله أينما حلَّ وحيثما كان بالدعاء المأثور الذي علَّمَنَاه حبيبُنا-صلى الله عليه وسلم-: "اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرَّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوِّن علينا سفرنا هذا واطوِ عنا بُعده، اللهم أنت الصاحبُ في السفر، والخليفةُ في الأهل.." فإذا تلا هذا الدعاءَ بتدبُّرٍ وحضورِ قلبٍ استشعر -حينها- رقابةَ الله عليه، وشهادتَه إياه، واطّلاعَه على طواياه.ُ 

الوصية الثانية: ينبغي للمسافر -وهو يطوِّف في أرجاء الأرض- أن يستشرفَ مشاهدَ الاتعاظ والاعتبار، والنظرِ والتفكر، فلا يدعُها تفوتُه وهي سانحة أمام ناظريه، فإنَّه مهما اختلفت وجهتُه فلن يخلو سفرُه من مشاهد تستدعي منه لحظاتِ تأملٍ وتفكُّر.
فسرِّح طرْفَك -أيها المسافر- بقلبٍ متحفِّز وحِسٍّ متيقِّظ فيما أودعه اللهُ في أرضه من عجيب خلقه، وبديع آياته، وجميل صنعه، فإنها لو نطقت لنطقت بعظمة الله وقدرتِه، ولشَهِدَتْ بربوبيته وقوَّتِه (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) [يونس:101]، (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) [يونس:6]
إن هذا النظر والتفكر مأمورٌ به كلُّ أحد، ولكن أولى الناسِ به أولئك السائحون؛ فهم أفرغُ قلباً، وأقلُّ شغلاً، وأروحُ فكراً، وأنسبُ حالاً.
ثم سرِّح طرفك -كرَّاتٍ أخرى- في آثار الغابرين، ومصيرِ المترفين، فإنها آثارٌ تنطقُ بالآيات، وتوحي بالعظات، فليكن لك في كلِّ أثرٍ نظرٌ، وفي كل آية تفكُّر، تستنطقُ منه المواعظَ والعبر، فهاهم عامِروها قد أُهلكِوا، لم تمنعْهم قوتُهم ولا جبروتهم من بأسِ الله الشديد، وهاهي آثارهم شاهدةً عليهم، فلا يستهوينَّك ما توحيه آثارُهم من قوة عمارةٍ، أو روعةِ حضارةٍ، وما تشهد لهم به من دِقَّةِ الصَّنْعةِ وشدةِ البأس والقوةِ، لا يستهوينَّك ذلك عن التفكُّرِ في بطش الله الشديد، وبأسِه القويِّ الذي لا يُردُّ عن القوم المجرمين.
إنَّ النظرَ في آثار الغابرين يهُزُّ القلوبَ، حتى قلوبَ المتجبرين. وإن هذه التأملاتِ في مآلهم لتهُزُّ القلبَ هزاً مهما كان جاسياً غافلاً قاسياً.
ولذا نجد القرآن كثيراً ما يأخذ بأيدينا إلى أن ننظرَ في مصارع القوم لنتقى ونتذكّر، كما في قوله جل جلاله: (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [الروم:9]
ولقد عاب الله على أقوامٍ لا يتفكرون في خلق الله، ولا يعتبرون بآثار الذين خلوا من قبلهم، وما أكثرَ الذين لا يتفكرون ولا يتذكرون، فليحذرِ المسافرُ أن يكون ممن عناهم الله بقوله: (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ) [يوسف:105]
الوصية الثالثة: أَمَا وقد اختار كلُّ مسافرٍ وجهتَه عن إرادة واختيار، ولم يُسَقْ إليها عن اضطرار، وكان في سعة ألاَّ يخرج إليها، فإننا نذكِّره وأنفسنا بضرورةِ استشعارِ العزَّةِ بالإسلام حيثُما حلَّ، وأن يعتزَّ بمبادئه وقِيَمِهِ أينما كان، وأنْ يأخذَ بها على اختلاف الأحوال.
وحقٌ عليه أن يستعْلِن بما أوجب عليه الإسلامُ أن يستعلنَ به من الشعائر الظاهرة، فلْيُصلِّ الصلاة لوقتها أينما أدركته، يقيمُها كما أمرَ الله من غير حياءٍ ولا استخفاء، ولكنْ بعيداً عن الفوضى والمضايقة.
والحجابُ شعارُ المؤمناتِ العفيفاتِ الغافلات، لا تتحرَّج المؤمنة أن تمتازَ به بين النساء، وإن جحظتْ إليها العيون، ولمزتها الألسُنُ، لأنها تدرك أنه لن يضيرَ الغمامَ طنينُ الهوام. فعارٌ على المسلمِ -وقد هُديَ إلى الحقِّ- أن يتحرجَ أوْ يخجلَ من استعلانِه بشعائرِ دِيْنِهِ، فالحق أحقُّ أنْ يُتَّبعَ، وهو أولى بالمجاهرة والاستعلان.
إنَّ التقليد والتشبُّه لا يَهَبُ الضعيفَ العزَّة، ولا يردُّ للمظلوم حقَّه، ولكنه سلوكٌ يفعله المنهزمون، ويُوفِضُ إليه المرتابون، يكتسبون عظيمَ الإثم بما لا يحظَوْن معه بنفع أصلاً، وهذا التقليد المَقيتُ يشي بهزيمة نفسية، وبضعْفِ إيمانٍ، وتزعْزُعِ يقين.
فارفعْ -أيها المسلم- بدينك رأساً، واشمَخْ به أنفاً، ولا تلفت إلى كلِّ همَّاز لمَّاز، فما أنت بأكرم عند الله من نبيه، وهو الذي أوذي بالهمز والغمز واللمز، فما زاده ذلك إلا ثباتاً ويقيناً واعتزازاً بالإسلام.
الوصية الرابعة: السفر مظنة الأخطار، وطول السلامة لا تمنح ضمان الرجوع. وإذا كان المسلم مأموراً بأن يكتبَ وصيته وهو في الأمن والاستقرار، فكيف إذا كان على جناح سفر تعترضه المخاوف، وتنوشه الأخطار.
والوصية مستحبة، ولكنَّها واجبة على من عليه ديونٌ وحقوقٌ، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده".
فحقٌ على كل من كان في ذمته شيء أن يكتب وصيته آمناً كان أو خائفاً، صحيحاً أو مريضاً.
إن حقوق الناس شأنها معظم في الإسلام، نستجلي ذلك من هذه الأحاديث:
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي قتادة -رضي الله عنه-، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قام فيهم، فذكر لهم أنَّ الجهادَ في سبيل الله والإيمانَ بالله أفضلُ الأعمال، فقام رجل فقال: يا رسول الله! أرأيتَ إن قُتلتُ في سبيل الله تُكفَّرُ عني خطاياي؟! فقال: "نعم، إن قتلت في سبيل الله وأنت صابرٌ محتسبٌ مقبلٌ غيرُ مدبر". ثم قال صلى الله عليه وسلم: كيف قلت؟ فأعاد عليه، فقال: "نعم، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر، إلا الديْن؛ فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك".
وفي الحديث الآخر: "يغفر للشهيد كلُّ ذنب إلا الدَّين" [أخرجه مسلم]
وعنه -صلى الله عليه وسلم- أنه أتي بجنازة ليصلي عليها، فقال: "هل عليه من دَين؟"، قالوا: لا. فصلى عليه، ثم أُتي بجنازةٍ أخرى، فقال: "هل عليه مِن دَين؟"، قالوا: نعم، فقال صلى الله عليه وسلم: "صلُّوا على صاحبكم"، فقال أبو قتادة-رضي الله عنه-: عليَّ دَينُه يا رسول الله؛ فصلى عليه. [متفق عليه].
وعن محمد بنِ جحشٍ -رضي الله عنه-، قال: كنا جلوساً عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، فرفع رأسه إلى السماء، ثم وضع راحته على جبهته، ثم قال: "سبحان الله! ماذا نُزِّل من التشديد" ، فسكتنا وفزعنا، فلما كان من الغد سألته: يا رسول الله! ما هذا التشديد الذي نُزل؟! فقال: "والذي نفسي بيده، لو أنَّ رجلاً قُتل في سبيل الله، ثم أحيي، ثم قُتل، ثم أحيي، ثم قتل، وعليه دين، ما دخل الجنة حتى يقضى عنه دينُه" [أخرجه النسائي بسند صحيح].
فإذا كان هذا هو خطر الديون، وجب على من في ذمته حق للناس -ولا سيَّما إذا عزم على السفر- أن يوصي بقضائها وأدائها إلى أهلها؛ إبراءً للذمة، وتحلُّلاً من التبعة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سـامي الماجـد

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
من منكرات الأفراح

  أيها الاخوة الكرام: إن الزواج في ظل الإسلام لا يحمل أي مشقة بل كان الزواج من أيسر الأمور قال  : ((إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوا ألا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير))، ويقول الله تعالى :  إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله  ولم يكن ليالي الزفاف مثقلة بكثير مما يخالف ما جاء به السنة والقران.

ومن المنكرات المتعلقة بالأفراح : أن يخطب الرجل على خطبة أخيه المسلم وهذا الفعل محرم إذا أجيب لخاطب الأول ولم يأذن للثاني ولم يترك الخاطب الأولى من تقدم لخطبة ابنتهم، عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يقول: (( نهى النبي r أن يبيع بعضكم على بيع بعض ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب)).

ومنها: المغالاة في المهور، أيؤد لي هذا الفعل إلى إصابة الفتيات بالعنوسة، والشباب بالفساد، والمستطيع من الشباب على هذا الغلاء فإنه إنما جمع المهر بعد أن أراق ماء وجهه عند الناس بطلب الدين منهم، الأمر الذي يجعله منشغلا في سداد دين المهر لسنوات طويلة مهملا الزوجة التي يفكر في أنها هي سبب ما هو فيه من الدين.

 ومن منكرات الأفراح أيضا: قولهم في التهنئة بالرفا والبنين وهي تهنئة جاهلية وإنما الوارد في السنة: ((بارك الله عليك وبارك عليك وجمع بينكما في خير))، اللهم بارك لإخواننا وبارك عليهما، واجعل حياتهم مكللة بالسعادة في ظل الالتزام بهدي النبي r .

ومن منكرات الأفراح: مظاهر التباهي في ولائم العرس، إذ يدعي الأغنياء ويترك الفقراء، كما يكون منها من التبذير والاستهانة بالنعمة ما يكلم القلوب، ويصدع الرؤوس وأنت ترى الشاحنات تحمل، أكوام الطعام بعد الزواج لتلقي به في حاويات النفايات وربما تلقي الذبيحة كاملة، دون أن تمس يا لهؤلاء أفلا تتقون الله، أو ما شعرتم بشعور الفقراء الذين لا يجدون ما يأكلون، أفلا تذكرتم أنتم وآباؤكم يوما من الدهر ما كنتم تلبسون، وكيف كنتم تعيشون، أو ما كنتم تلبسون المرقع من الثياب، وتعملون خدما في مكة وغيرها وتركبون الحمير أعزكم الله، إن شبعتم يوما لم تشبعوا اليوم الذي بعده، أما المسكن فكانت الأسر تجتمع ففي غرفة واحدة تعيش معهم بهائمهم، ولما أتى الله بهذه النعم كأنها الغمام نسي أولئك الناس فضل الله عليهم ولم يشكروه، وكأنهم في مأمن أو قد جاءهم صك من الله أنهم سوف يبقون على نعيمهم وثرائهم:  ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوء  يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً .

ومن منكرات الأفراح العظيمة: دعوة المغنين والمغنيات، إذ تجد مكتوبا على بطاقة الدعوة: يحي الحفل الفنان أو الفنانة، وما أدري هل يحيونه بالذكر والتلاوة والدعاء للعروسين بالبركة والتوفيق، أو يميتون الليل بكلام سافل ساقط، ويعطون مالا كبيرا على هذه المعصية، لقد نسي صاحب الحفل أنه قد تحمل في ليلته تلك آثام كل من حضر: وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون ، والله إن الناس لن يغنوا عنه من الله شيئا:  يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا .

ومن منكرات الأفراح: السهر إلى وقت متأخر من الليل مما يؤدي إلى تضييع صلاة الفجر وهذا الشهر محرم، كما قاله العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله.

ومن منكرات الأفراح: ما يسمى بالنصبة، وهو دخول العريس إلى العروسة وجلوسهما في مكان عال بمرأ الناس من جميع الحاضرين والنصة محرمة لأمور منها: دخول الرجل وهو أجنبي وجلوسه بين النساء وكذلك مرافقة أقاربه وأقارب الزوجة واختلاطهم بالنساء، وربما يرقصون بين النساء وربما دخل المصورون والمصورات لالتقاط الصور التذكارية للعروسين وللعائلة.

والأدهى من ذلك تصوير حفل النساء بالفيديو ثم يتداوله الناس مما يكشف عورات المسلمين، ويجر من المصائب ما لا يعلمه إلا الله قال الشيخ عبد العزيز بن باز، ومن الأمور المنكرة التي استحدثها الناس في هذا الزمان وضع منصة للعروس بين النساء ويجلس إليها زوجها بحضرة النساء السافرات والمتبرجات وربما حضر معه غيره من أقاربه، أو أقاربها من الرجال ولا يخفى على ذوي الفطرة السليمة والغيرة الدينية ما في هذا العمل من الفساد الكبيرة وتمكن الرجال الأجانب من مشاهدة الفاتنات المتبرجات وما يترتب على ذلك من العواقب الوخيمة والقضاء عليه حسما لأسباب الفتنة وصيانة للمجتمعات النسائية مما يخالف الشرع المطهر.

 ويا من يريد التوفيق لابنه أو ابنته إنه لا يمكن أن يكون التوفيق للزوجين في ظل هذه المنكرات، إذ إنهم يبدأن حياتهم بلطخة سوداء، وعودوا بذاكرتكم إلى كل زواج اشتمل على هذه المنكرات فسوف تجدون أنه الزواج قد فشل أو أوشك على الفشل، وهذه هي النتيجة الحتمية، فاتقوا الله في حياة أبناءكم وبناتكم، وإننا لندعو الله لهؤلاء أن يهدي قلوبهم وأن يجنبهم الهوان والتباهي .

كما نقدم الثناء والدعوات الصادقة لأولئك الآباء الحريصين على رضي الله سبحانه، وعلى سعادة أبنائهم فإنه من ابتغى رضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط الناس عليه، ومن ابتغى رضى الله بسخط الناس رضى الله عليه وأرضى عنه الناس، وهذه عاجل بشرى المؤمن. إن أريد إلا الإصلاح.

  منصور الغامدي – الطائف

التزامي أيـن أنت ..!!؟

 

 طبعا هذه كلمات كتبتها وأنا أشعر أن الكثير منا قد يدور في مخيلته وخاطره مثلها .. خاصة وأن هناك من رق قلبه ودينه فاجتاحه الضعف في الإيمان والتدين عامة بعد الانفتاح الهائل والغير طبيعي على العالم ، وذلك من خلال وسائل متعددة ومتجددة تنهال على المسلمين يوما بعد يوم .. والتي من خلالها اختل التوازن عند بعضنا وخاصة ما يتعلق بالسيطرة على النفس التي أصبحت تقود بدلا من أن تقاد .. !

أنّات ملتزم ..

التزامي أين أنت ... ؟!

أين أنت .. ؟! هل تسمعني .. ؟ أناديك بأعلى صوتي أطلب منك أن تعود .. وتعود بسرعة .. يا من أحن لقربه مني .. وآسى لفقده ..

أناديك لأخبرك عن حالي بعدك .. وما صارت إليه بعد رشاد ... أناديك لأذكرك وأسلي نفسي بتلك الذكرى ..

فإن كنت تسمع فأجب ولا تتأخر فالهموم تعصف بي مذ بعدت عني .. فلقد ضعت في نفسي وحرت معها وقادتني إلى المهالك بدلا من اقودها إلى الخير ..

أناديك لاطلعك فترى بنفسك ما حدث لي .. اناديك لأذكرك وأقول لك ..

هل تذكر .. ؟ هل تذكر ذاك التبكير إلى الصلاة والمسابقة على الصف الأول .. ؟ بل ومسابقتي للمؤذن لأدخل قبله إلى المسجد .. ؟ هل تذكر ذلك الحرص .. ؟!

صار تخلفا وتضييعا .. نعم أصبحت من الذين تمر عليهم الأيام والأسابيع ولم يدركوا تكبيرة الإحرام .. ! ولا أخفيك ان قلت لك انه لا يمر يوم إلا وأصلي صلاة أو صلاتين في البيت لفواتهما علي جماعة في المسجد .. !!

هل تذكر .. ؟ هل تذكر محافظتي على السنن الرواتب .. ؟ تلك السنن التي دائما ماكنت أردد ذلك الحديث العظيم الذي يبين فضلها وعظم ثوابها .. وهو أن الله يبني - لمن صلى في اليوم ثنتي عشرة ركعة - بيتا في الجنة .. صدقني أنها ذهبت وأصبحت علي أثقل من الجبال .. !! بل حتى الخشوع في الصلاة عامة لا أجد له طعما ولا أجد له مكانا في قلبي .. وأصبح همي في الصلاة متى ينتهي الإمام منها ومتى أخرج من المسجد .. ؟!! حتى الذكر بعد تلك الصلوات ذاب مع تضييعها وإهمالها .. !

هل تذكر .. ؟  هل تذكر تلك السجدات التي أختلي بها في ظلمة الليل .. ؟ والتي كنت معك منتظما في آدائها وعدم تركها مهما كانت الأحوال .. أقسم لك أنني أفتقدها منذ زمن .. أفتقدها وأجد صعوبة شديدة في العود إليها .. !! بل لا أجد في نفسي أي إقبال عليها .. !

هل تذكر .. ؟ هل تذكر أُنسي بكتاب الله في كل وقت .. ؟ والذي كنت أحفظ الكثير منه خاصة بعد صلاة العصر .. يوم أن كنت لا أخرج من المسجد إلا بعد القراءة والحفظ والمراجعة .. ! لقد ابتعدت عنه أميالاً وضاع الكثير مما كنت أحفظ منه .. ! وأصبحت تمر الأيام والأسابيع وأنا لم أقر في كتاب الله .. !

هل تذكر .. ؟ هل تذكر أيها البعيد يوم أن كنت أسير وأنا مطأطأ الرأس .. خشية أن يقع بصري على شيء محرم .. أتذكر ذلك .. ؟! لقد ذهبت تلك الخشية .. ! وأصبحت أقلب بصري في المحرمات وأصر على ذلك دون أن أجد في نفسي ألما أو مجرد إحساس في الألم .. !

هل تذكر .. ؟  هل تذكر تمعر وجهي عند رؤية المنكر .. وسعيي من أجل إنكاره .. ؟ ذهب ذلك الإنكار وأصبحت لا أفرق أحيانا بين المنكر والمعروف .. !! ولا أخفيك إن قلت لك انني قد أجلس في المجالس التي تعج ببعض المنكرات .. !

التزامي الحبيب .. لم تركتني هكذا لوحدي .. !؟ لم ابتعدت عني ؟ أقسم لك أنني أشعر بخوف وقلق ، ولا آمن على نفسي من الوقوع في المعصية .. حتى السمع والكلام اللذين كنت أنعم معك بحفظهما من الخطأ ، امتلأ كل منهما بالمعصية .. ! لدرجة أنه أصبح من الطبيعي عندي أن أجلس في مكان عامر بالغيبة والنميمة .. !

التزامي .. هل بالإمكان أن تعود إلي .. ؟!! هل بالإمكان أن تساهم في دعوتي إلى الخير وعودة مافقدت بسبب بعدك من لذة العباد والأنس بالله .. ؟! هل بالإمكان أن تعينني على نفسي المقصرة .. ؟ ناشدتك الله إلا عدت ..

عُد لنتعاون أنا وأنت على الطاعة وهجر المعصية .. عُد ليعود إلي خشوعي وأنسي بخلوتي بربي ..

عُد ليعود إلي حفظي لبصري وسمعي وجوارحي عن المحرمات ..

عُد فمرارة فقدك أفسدت علي طعم الحياة ..

عُد قبل أن يحول بيني وبينك الموت ..

عُد فقد جربت نفسي بدونك فوجدت نفسي أسبح في متاهات الضلال ..

عُد فصنوف الشر والفساد تبرق لي في كل مكان ..

أيه الحبيب الغائب .. أتعلم ماذا أخاف ؟

أخاف أن تكون ضيعت الطريق إلي .. حينها أعض على أصابع الندم وأقطع كل شيء في هذه الحياة إلا بالله الذي يحي الأرض بعد موتها .. ويبعث لها الحياة من جديد ..

أخشى أن يرفض قلبي استقبالك من جديد بسبب بعده عن الله وعن مواطن الخير ..

قاتل الله النت كم فرقت بيني وبينك .. ؟ كم سلبت عقلي وجوارحي عنك .. ؟ كم أنستني العلاقة الوثيقة التي كانت بيني وبينك ؟ قاتل الله النت فلم أشعر بنفسي إلا وأنا بلا التزام !! لم أشعر بنفسي إلا وأنا بعيدا عن أسباب الخير !! قاتل الله النت فكم قسى قلبي بسببها وكم ضعفت أمامها وأمام مغريتها ؟! قاتل الله النت فكم أخذت وقتي واحتلت أكبر مساحة من فراغي .. !

 التزامي ... صدقني أنني اذكر ذلك الكلام الذي قلت لي فيه - عندما دخلت النت - أنت لن تصمد أمامها .. أذكر تلك الكلمة ولازال صداها يتردد .. لكن مع الأسف كنت أظن نفسي أقوى من تحدياتها فما لبثت أن فشلت أمامها ورسبت في امتحان الصمود .. ! كنت أعتقد أنني بلغت درجة التأثير في الغير دون التأثر في النفس .. لكن مع الأسف خاب اعتقادي .. ! ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

فمن يساعد مكلوما فقد عزيزا على قلبه اسمه الإلتزام !؟ من يدلني على الطريق إلى هذا الإلتزام إن أبى أن يعود ! اللهم يا من جمعت يوسف بيعقوب ، اجمعني وكل مسلم بالتزامه وأصلح ما فسد من قلوبنا وسددنا في القول ولعمل ..

لا تنسونا ممن صالح الدعاء

اخوكم المنذر

http://www.basaer.info/